تعتزم روسيا استئناف رحلاتها الطويلة المدى لاستكشاف الفضاء بعد غياب دام نحو عقدين، من خلال إطلاق مسبار فضائي غدا الأربعاء إلى كوكب المريخ بهدف جمع عينات من تربة أحد أقماره والعودة بها إلى الأرض.
ويستعد صاروخ فضائي روسي للانطلاق من مركز "بايكونور" الفضائي في كزاخستان حاملا مركبة فضائية في رحلة تستغرق ثلاث سنوات إلى القمر "فوبوس" الذي يدور حول كوكب المريخ.
وجاء في بيان للمسؤولين عن البعثة الفضائية بالوكالة الوطنية الروسية للفضاء (روسكوسموس) أنه من المقرر أن يهبط إنسان آلي على سطح القمر فوبوس ليجمع عينات من التربة والعودة بها إلى الأرض في أغسطس/آب عام 2014.
"
بينما غابت روسيا عن الرحلات الفضائية الطويلة سجلت الولايات المتحدة مئات الساعات على المريخ وأرسلت الهند والصين مجسات فضائية إلى قمر كوكب الأرض و أرسلت اليابان مهمة لكويكب وأحضرت عينات من تربته
"
المهمة
وتشمل المهمة إرسال عينات من بكتيريا موجودة على كوكب الأرض قادرة على تحمل الظروف القاسية لمعرفة مدى تمكنها من الحياة هناك.
وستتحقق المهمة من جزء من نظرية تقول إن الحياة يمكن أن تكون قد نشأت على كوكب ثم هاجرت بعد ذلك إلى كوكب آخر عن طريق النيازك.
ويقول العلماء الروس إن تربة القمر فوبوس تحمل مفاتيح نشوء وأصل كواكب المجموعة الشمسية وتساعد على توضيح الأسرار والألغاز المحيطة بكوكب المريخ ومدى كونه مناسبا للحياة الآن أو في أي وقت مضى.
ويحلم العلماء الروس بالهبوط على قمر الكوكب الأحمر -الذي يتخذ شكل ثمرة البطاطس- منذ فترة الستينيات التي شهدت ريادة روسيا لغزوات الاتحاد السوفياتي الناجحة للفضاء.
وتكلف الرحلة خمسة مليارات روبل (163 مليون دولار)، وقال كبير مصممي المشروع ماكسيم مارتينوف في شركة الفضاء الروسية الكبرى "أن بي أو لافوتشكين" التي صنعت مسبار" فوبوس" إن المريخ "كان دوما كوكبا غير مضياف لروسيا وقد أحرزت الولايات المتحدة قدرا أكبر بكثير من النجاحات هناك".
الطاقم الروسي سيمضي ثلاثة أعوام في الرحلة (رويترز-أرشيف)
تأجيل
وكانت روسيا تعتزم إطلاق هذه الرحلة الفضائية عام 2009، ولكنها قامت بإرجائها بسبب مشكلات فنية وضرورة الانتظار إلى حين حلول موعد مناسب للإطلاق عام 2011.
وظلت روسيا تطلق رواد الفضاء إلى المدار رغم الضائقة المالية في التسعينيات، وهي الآن الدولة الوحيدة التي تحمل مركباتها أطقما إلى محطة الفضاء الدولية.
وكانت آخر رحلات موسكو بين الكواكب عام 1988 قبل انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، وهي الرحلة الثانية للاتحاد السوفياتي التي فشلت في استكشاف فوبوس حيث انقطع الاتصال على مسافة 50 مترا من القمر ذي السطح الفضي، وفي عام 1996 احترقت مركبة فضاء روسية أخرى للهبوط على المريخ بسبب إطلاق غير متقن.
وبينما غابت عن الرحلات الفضائية الطويلة، سجلت الولايات المتحدة مئات الساعات على المريخ وأرسلت الهند والصين مجسات فضائية إلى قمر كوكب الأرض وأرسلت اليابان مهمة لكويكب وأحضرت عينات من تربته.
اختبار
وبعد الغياب الروسي الطويل أصبحت رحلة فوبوس اختبارا لصناعة الفضاء الروسية بعد فترة من استنزاف العقول والميزانيات المتواضعة، وبعد رحلة تقطع خلالها ملايين الأميال سيكون التحدي الأكبر هبوط المسبار في عالم مجهول عديم الوزن.
وقال باسكال لي العالم المتخصص في شؤون كوكب المريخ في إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) لا توجد "جاذبية تساعدنا، الأمر كالالتحام بمحطة فضاء بدون مكابح هواء".
المصدر: وكالات